فصل: قال السمرقندي في الآيات السابقة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال السمرقندي في الآيات السابقة:

قوله تعالى: {تبارك الذي بِيدِهِ الملك} يعني: تعالى وتعظم.
وهذا قول ابن عباس وقيل: تفاعل من البركة.
وقال الحسن: تبارك يعني: تقدس {الذى بِيدِهِ الملك} يعني: الذي له الملك، كما قال: {لّهُ مُلْكُ السموات والأرض} ويقال: {الذى بِيدِهِ الملك} يعني: الذي له القدرة ونفاذ الأمر.
{وهُو على كُلّ شيء قدِيرٌ} يعني: في العز والذل، يعز من يشاء ويذل من يشاء.
ثم قال: {الذى خلق الموت والحياة} قال مقاتل: {خلق الموت} يعني: النطفة والعلقة والمضغة، وخلق الحياة يعني: خلق إنسانا، ونفخ فيه الروح، فصار حيا.
وقال الكلبي: {خلق الموت} بمنزلة كبش أملح، لا يمر على شيء، ولا يجد ريحه شيء إلا مات {والحياة} شيء كهيئة الفرس البلقاء الأنثى التي يركب عليها جبريل والأنبياء.
وقال قتادة في قوله: {خلق الموت والحياة} يعني: أذل الله ابن آدم بالموت، وجعل الدنيا دار حياة وفناء، وجعل الآخرة دار جزاء وبقاء.
ويقال: {خلق الموت والحياة} يعني: قدر الحياة ثم قدر الموت بعد الحياة.
{لِيبْلُوكُمْ} يعني: ليختبركم ما بين الحياة والموت.
{أيُّكُمْ أحْسنُ عملا} في حياته، ويقال: أيكم أكمل عملا وأخلص عملا.
ويقال: {خلق الموت والحياة} أي: خلق الحياة للامتحان، وخلق؛ الموت للجزاء كما قيل: لولا المحن لقدمنا مفاليس، وذلك أن الله تعالى، خلق الجنة.
وخلق لها أهلا، وخلق النار وخلق لها أهلا، وابتلاهم بالعمل والأمر والنهي، فيستوجبون بفعلهم الثواب والعقاب.
والابتلاء من الله تعالى، أن يظهر من العبد ما كان يعلم منه في الغيب.
ثم قال: {وهُو العزيز الغفور} يعني: العزيز بالنقمة للكافر، والغفور لمن تاب منهم.
ثم قال: {الذى خلق} يعني: تبارك الذي خلق {سبْع سموات طِباقا} يعني: مطبقا بعضها فوق بعض مثل القبة.
{مّا ترى في خلْقِ الرحمن مِن تفاوت}.
قرأ حمزة، والكسائي: {مِن تفاوت} بغير ألف، والباقون بالألف، وهما لغتان.
تفاوت الشيء وتفوت، إذا اختلف، يعني: ما ترى في خلق الرحمن اختلافا واضطرابا، ويقال: ما ترى فيها من اعوجاج، ولكنه مستوي.
ويقال: معناه ما ترى في خلق السموات من عيب.
وأصله من الفوت أي يفوت الشيء، فيقع فيه الخلل، ولكنه متصل بعضها ببعض.
ثم أمر بأن ينظروا في خلقه، ليعتبروا به ويتفكروا في قدرته، فقال عز وجل: {فارجع البصر} يعني: رد البصر إلى السماء.
ويقال: قلب البصر في السماء، ويقال: اجتهد بالنظر إلى السماء.
{هلْ ترى مِن فُطُورٍ}؟ يعني: هل ترى فيها من شقوق؟ ويقال: هل ترى فروجا أو صدوعا أو خللا؟ {ثُمّ اْرجِعِ البصر كرّتيْنِ} يعني: انظر إليها وإنما أمر بالنظر إلى السماء مرتين، لأن الإنسان إذا نظر في الشيء مرة، لا يرى أثر عيبه ما لم ينظر فيه مرة أخرى؛ فأخبر الله تعالى أنه وإن نظر إلى السماء مرتين، لا يرى فيها عيبا، بل يتحير بالنظر إليها، فذلك قوله: {ينقلِبْ إِليْك البصرُ خاسِئا} يعني: يرجع البصر ذليلا.
{وهُو حسِيرٌ} يعني: قد أعيا من قبل أن يرى في السماء خللا.
وقال القتبي: {خاسِئا} أي مبعدا، {وهُو حسِيرٌ} أي: كليل منقطع عن أن يلحق ما نظر إليه قبل أن يرى شيئا من الخلل.
ثم قال: {ولقدْ زيّنّا السماء الدنيا بمصابيح} يعني: بالنجوم والكواكب.
{وجعلناها رُجُوما للشياطين} يعني: جعلنا بعض النجوم رميا للشياطين، إذا تصدوا استراق السمع.
{وأعْتدْنا لهُمْ} يعني: للشياطين {عذابِ السعير} يعني: الوقود.
{ولِلّذِين كفرُواْ} يعني: أعتدنا للذين جحدوا {بِربّهِمْ} يعني: بوحدانية الله تعالى {عذاب جهنّم}.
قرئ في الشاذ {عذاب جهنّم} بالنصب يعني: أعتدنا لهم عذاب جهنم، فيصير نصبا لوقوع الفعل عليه، وقراءة العامة بالضم، على معنى خبر الابتداء.
ثم قال: {وبِئْس المصير} يعني: المرجع.
ثم قال: {إِذا أُلْقُواْ فِيها} يعني: ألقوا الكفار في نار جهنم.
{سمِعُواْ لها} يعني: سمعوا منها {شهِيقا} يعني: صوتا كصوت الحمار.
{وهِى تفُورُ} يعني: تغلي كغلي المرجل.
{تكادُ تميّزُ مِن الغيْظِ} يعني: تكاد تتفرق من غيظها على أعداء الله تعالى.
{كُلّما أُلْقِى فِيها فوْجٌ} يعني: من النار فوج، يعني: أمة من الأمم.
{سألهُمْ خزنتُها ألمْ يأْتِكُمْ نذِيرٌ} يعني: رسولا يخبركم ويخوفكم؟ {قالواْ بلى} يعني: يقولون: بلى {قدْ جاءنا نذِيرٌ} يعني: الرسول، {فكذّبْنا} الرسول، {وقُلْنا}: إنكم لكاذبون على الله تعالى.
{ما نزّل الله مِن شيْء} يعني: كتابا ولا رسولا.
{إِنْ أنتُمْ إِلاّ في ضلال كبِيرٍ} يعني: قلنا لهم ما أنتم إلا في خطأ عظيم.
{وقالواْ لوْ كُنّا نسْمعُ أوْ نعْقِلُ} يعني: لو كنا نسمع إلى الحق {أوْ نعْقِلُ} يعني نرغب في الهدى ونتفكر في الخلق.
{ما كُنّا في أصحاب السعير} يعني: مع أصحاب الزقوم في النار.
ويقال: يعني: ما كنا في أهل النار.
{فاعترفوا بِذنبِهِمْ} يعني: أقروا بشركهم {فسُحْقا} يعني: فبعدا من رحمة الله تعالى {لأصحاب السعير} يعني: الوقود.
وقال الزجاج: {فسُحْقا} نصب على المصدر، فمعناه أسحقهم الله سحقا، فباعدهم من رحمته.
والسحق: البعيد، كقوله: {في مكان سحيق} [الحج: 31] أي: بعيد.
قرأ الكسائي بضم السين والحاء، وجزم الحاء والباقون بضم السين، وهما لغتان معناهما واحد.
ثم بين حال المؤمنين.
فقال عز وجل: {إِنّ الّذِين يخْشوْن ربّهُمْ} يعني: يخافون الله تعالى ويخافون عذابه، الذي هو {بالغيب}، فهو عذاب يوم القيامة.
{لهُم مّغْفِرةٌ} يعني: مغفرة لذنوبهم {وأجْرٌ كبِيرٌ} يعني: ثوابا عظيما في الجنة ثم قال: {وأسِرُّواْ قولكُمْ أوِ اجهروا بِهِ}.
اللفظ لفظ الأمر، والمراد به الخبر يعني: إن أخفيتم كلامكم في أمر محمد صلى الله عليه وسلم أو جهرتم به.
{إِنّهُ علِيمٌ بِذاتِ الصدور} يعني: بما في القلوب من الخير والشر، وذلك أن جماعة من الكفار كانوا يتشاورون فيما بينهم، فقال بعضهم لبعض: لا تجهروا بأصواتكم، فإن رب محمد يسمع فيخبره، قال الله تعالى للنبي صلى الله عليه وسلم: قل لهم يا محمد: {أسرُّواْ قولكُمْ أوِ اجهروا بِهِ} فإنه يعلم به.
ثم أخبر بما هو أخفى من هاتين الحالتين، فقال: {إِنّهُ علِيمٌ بِذاتِ الصدور} يعني: فكيف لا يعلم قول السر.
ثم قال عز وجل: {ألا يعْلمُ منْ خلق} يعني: ألا يعلم السر، من خلق السر يعني: هو خلق السر في قلوب العباد، فكيف لا يعلم بما في قلوب العباد؟ ثم قال: {وهُو اللطيف الخبير} يعني: لطف علمه بكل شيء، يعني: يرى أثر كل شيء بما في القلوب من الخير والشر؛ ويقال: {لطِيفٌ} يرى أثر النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء، {خبِيرٌ} يعني: عالم بأفعال العباد وأقوالهم.
ثم ذكر نعمه على خلقه، ليعرفوا نعمته، فيشكروه ويوحدوه، فقال: {هُو الذي جعل لكُمُ الأرض ذلُولا} يعني: خلق لكم الأرض ذلولا، ومدها وذللها؛ وجعلها لينة، لكي تزرعوا فيها، وتنتفعوا منها بألوان المنافع، {فامشوا في مناكِبِها} يعني: لكي تمشوا في أطرافها ونواحيها وجبالها.
وهذا خبر بلفظ الأمر؛ وقال القتبي: {فامشوا في مناكِبِها} يعني: جوانبها.
ومنكبا الرجل: جانباه.
وقال قتادة: {مناكِبِها}: جبالها.
قال: وكان لبشر بن كعب سرية، فقال لها: إن أخبرتيني ما مناكب الأرض فأنت حرة لوجه الله؟ فقالت: مناكبها: جبالها، فصارت حرة.
فأراد أن يتزوجها، فسأل أبو الدرداء، فقال له: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك.
ويقال: {هُو الذي جعل لكُمُ الأرض ذلُولا}، أي سهل لكم السلوك {فامشوا في مناكِبِها}، أي: تمشون فيها.
{وكُلُواْ مِن رّزْقِهِ} يعني: تأكلون من رزق الله تعالى وتشكرونه.
{وإِليْهِ النشور} يعني: إلى الله تبعثون من قبوركم.
ويقال: معناه: هو الذي ذلل لكم الأرض، قادر على أن يبعثكم، لأنه ذكر أولا خلق السماء، ثم ذكر خلق الأرض، ثم ذكر النشور.
ثم خوفهم، فقال عز وجل: {ءامنْتُمْ مّن في السماء}؟ قال الكلبي، ومقاتل: يعني: أمنتم عقوبة من في السماء؟ يعني: الرب تعالى إن عصيتموه.
ويقال: هذا على الاختصار؛ ويقال: أمنتم عقوبة من هو جار حكمه في السماء.
قرأ أبو عمرو، ونافع {أمِنتُمْ} بالمد، والباقون بغير مد بهمزتين، ومعناهما واحد وهو الاستفهام، والمراد به التوبيخ.
وقرأ ابن كثير بهمزة واحدة بغير مد، على لفظ الخبر.
{أن يخْسِف بِكُمُ الأرض} يعني: يغور بكم الأرض، كما فعل بقارون.
{فإِذا هي تمُورُ} يعني: تدور بكم إلى الأرض السفلى.
{أمْ أمِنتُمْ مّن في السماء} يعني: عذاب من في السماء.
{أن يُرْسِل عليْكُمْ حاصبا} يعني: حجارة كما أرسلنا إلى قوم لوط.
وقال القتبي: {أم} على وجهين، مرة يراد بها الاستفهام، كقوله: {أمْ يحْسُدُون الناس}، ومرة يراد بها أو، كقوله: {أمْ أمِنتُمْ} ويعني: أو أمنتم.
وهذا كقوله: {أفأمِنتُمْ أن يخْسِف بِكُمْ جانِب البر أوْ يُرْسِل عليْكُمْ حاصِبا ثُمّ لا تجِدُواْ لكُمْ وكِيلا} [الإسراء: 68].
ثم قال: {فستعْلمُون كيْف نذِيرِ} يعني: تعبيري عليهم بالعذاب.
ويقال: معناه سيظهر لكم كيف عذابي.
ثم قال: {ولقدْ كذّب الذين مِن قبْلِهِمْ} يعني: الأمم الخالية كذبوا رسلهم، {فكيْف كان نكِيرِ}؟ يعني: كيف كانت عقوبتي إياهم وإنكاري لهم؟ ثم قال: {أو لمْ يروْا إِلى الطير}؟ يعني: أو لم يعتبروا في خلق الله تعالى كيف خلق الطيور؟ {فوْقهُمْ صافات} يعني: باسطات أجنحتها في الهواء.
{ويقْبِضْن} يعني: ويضممن أجنحتهن ويضربن بها.
{ما يُمْسِكُهُنّ} يعني: ما يحفظهن في الهواء عند القبض والبسط.
{إِلاّ الرحمن إِنّهُ بِكُلّ شيء بصِيرٌ} يعني: عالما بصلاح كل شيء.
ثم قال عز وجل: {أمّنْ هذا الذي هُو جُندٌ لّكُمْ} يعني: حزب لكم ومنفعة لكم.
{ينصُرُكُمْ مّن دُونِ الرحمن} يعني: من عذاب الرحمن؛ ومعناه: هاتوا أخبروني من الذي يمنعكم من عذاب الله تعالى إن عصيتموه.
{إِنِ الكافرون إِلاّ في غُرُورٍ} يعني: ما الكافرون إلا في خداع وأباطيل.
ثم قال عز وجل: {أمّنْ هذا الذي يرْزُقُكُمْ إِنْ أمْسك رِزْقهُ} يعني: من الذي يرزقكم إن حبس الله رزقه؟ وهذا كقوله: {يا أيها الناس اذكروا نِعْمة الله عليْكُمْ هلْ مِنْ خالق غيْرُ الله يرْزُقُكُمْ مِّن السماء والأرض لا إله إِلاّ هُو فأنى تُؤْفكُون} [فاطر: 3]؟ ثم قال: {بل لّجُّواْ} يعني: تمادوا في الذنب.
ويقال: تمادوا في الكفر.
ويقال: بل مضوا {فِى عُتُوّ} يعني: في تكبر {ونُفُورٍ} يعني: تباعدا من الإيمان.
ثم قال عز وجل: {أفمن يمْشِى مُكِبّا على وجْهِهِ} يعني: الكافر يمشي ضالا في الظلمة أعمى القلب.
{أهدى} يعني: هو أصوب دينا.
{أفمن يمْشِى سوِيّا على صراط مُّسْتقِيمٍ} هو المؤمن يعمل بطاعة الله يعني: على دين الإسلام.
وقال قتادة: {أفمن يمْشِى مُكِبّا على وجْهِهِ}، قال: هو الكافر عمل بمعصية الله، يحشره الله تعالى يوم القيامة على وجهه {أمّن يمْشِى سوِيّا على صراط مُّسْتقِيمٍ}، هو المؤمن يعمل بطاعة الله تعالى، يسلك به يوم القيامة طريق الجنة.
وقال الزجاج: أعلم الله تعالى أن المؤمن يسلك الطريق المستقيم، وإن كان الكافر في ضلال بمنزلة الذي يمشي مكبا على وجهه.
قال مقاتل: نزلت في شأن أبي جهل؛ وقال بعضهم: هو وجميع الكفار.
ثم قال: {قُلْ هُو الذي أنشأكُمْ} يعني: خلقكم {وجعل لكُمُ السمع} لكي تسمعوا بها الحق، {والابصار} يعني: لكي تبصروا، {والافئدة} يعني: القلوب لكي تعقلوا بها الهدى.
{قلِيلا مّا تشْكُرُون} يعني: شكركم فيما صنع إليكم قليلا.
ويقال: معناه خلق لكم السمع والأبصار والأفئدة آلة لطاعات ربكم، وقطعا لحجتكم، وقدرة على ما أمركم؛ فاستعملتم الآلات في طاعة غيره ولم توحدوه.
ثم قال عز وجل: {قُلْ هُو الذي ذرأكُمْ في الأرض} يعني: خلقكم.
ويقال: كثركم في الأرض، وأنزلكم في الأرض.
{وإِليْهِ تُحْشرُون} يعني: إليه ترجعون بعد الموت، فيجازيكم بأعمالكم.
قوله تعالى: {ويقولون متى هذا الوعد إِن كُنتُمْ صادقين} يعني: البعث بعد الموت إن كنتم صادقين أنّا نبعث، خاطبوا به النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الجماعة.
ويقال: أراد به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه.
{قُلْ إِنّما العلم عِند الله} يعني: علم قيام الساعة عند الله.
{وإِنّما أناْ نذِيرٌ مُّبِينٌ} يعني: مخوف أخوفكم بلغة تعرفونها.
قوله تعالى: {فلمّا رأوْهُ زُلْفة سِيئتْ} يعني: لما رأوا العذاب قريبا.
ويقال: لما رأوا القيامة قريبة وسيئت {وُجُوهِ الذين كفرُواْ} يعني: ذللت، ويقال: قبحت وسودت.
وقال القتبي: {فلمّا رأوْهُ زُلْفة} يعني: لما رأوا ما وعدهم الله قريبا منهم؛ وقال الزجاج: {سيئات} أي: تبيّن فيها السوء في وجوه الذين كفروا.
{وقِيل هذا الذي كُنتُم بِهِ تدّعُون}، أي: تشكون في الدنيا قرأ قتادة، والضحاك، ويعقوب الحضرمي: {تدْعُون} بالتخفيف يعني: تستعجلون، وتدعون إليه في قولكم: فأمطر علينا حجارة من السماء، وقراءة العامة {تدْعُون} بالتشديد يعني: تكذبون.
ويقال: من أجله {تدْعُون} الأباطيل يعني: تدعون أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما، لا ترجعون ولا تجازون.
ويقال: {تدْعُون} أي: تتمنون.
قوله تعالى: {قُلْ أرءيْتُمْ إِنْ أهْلكنِى الله ومن مّعِى} يعني: إن عذبنا الله.
{أوْ رحِمنا} يعني: غفر لنا.
{فمن يُجِيرُ الكافرين} يعني: من ينجيهم ويغيثهم {مِنْ عذابٍ ألِيمٍ} يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم: نحْنُ مُؤْمِنُون بالله، ونتوسّلُ بِعِبادتِهِ إليهِ، لا نأْمنُ عذابهُ على معْصِيتِهِ، فكيْف تُؤْمِنُون مع كُفْرِكُم بِهِ مِنْ عذابِهِ وعُقُوبتِهِ؟ {فمن يجير الكافرين من عذاب أليم}؟ {قُلْ هُو الرحمن ءامنّا بِهِ} يعني: قل هو الرحمن بفضله، إن شاء عذبنا، وإن شاء رحمنا.
{وعليْهِ توكّلْنا} يعني: فوضنا إليه أمورنا.
{فستعْلمُون منْ هُو في ضلال مُّبِينٍ} يعني: فستعرفون، عند نزول العذاب، من هو في خطأ بيِّن.
قرأ الكسائي: {فسيعْلمُون} بالياء بلفظ الخبر، والباقون بالتاء على معنى المخاطبة يعني: سوف تعلمون يا كفار مكة.
{قُلْ أرءيْتُمْ إِنْ أصْبح ماؤُكُمْ غوْرا} يعني: إن صار ماؤكم غائرا، لا تناله الأيدي ولا الدلاء.
{فمن يأْتِيكُمْ بِماء مّعِينٍ} يعني: بماء طاهر.
والغور والغائر، يقال: ماء غور.
ومياه غور وهو مصدر لا يثنى ولا يجمع.
وقال مجاهد: {بِماء مّعِينٍ} يعني: جار.
وروى عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما يعني: الطاهر.
وروى أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «سُورةٌ فِي القرآن ثلاثُون، شُفعتْ لِصاحِبِها حتّى غُفِر لهُ. {تبارك الذي بيده الملك}».
وروى زر بن حبيش، عن عبد الله بن مسعود قال: يؤتى بالرجل في قبره من قبل رأسه، فيقول له: ليس لك علي من سبيل.
قد كان يقرأ على سورة الملك، فيؤتى من قبل رجليه، فيقول: ليس لك علي سبيل.
كان يقوم بسورة الملك، فيؤتى من قبل جوفه، فيقول: ليس لك علي سبيل.
قد أوعاني سورة الملك، قال: وهي المنجية تنجي صاحبها من عذاب القبر.
وروى ابن الزبير، عن جابر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ سورة {الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه} و{تبارك الذي بِيدِهِ الملك}؛ والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم. اهـ.